responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 440
وَإِنْ طَالَ عُمُرُهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الِانْتِهَاءِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْفَرَّ اللَّوْنِ مُنْحَطِمَ الْأَعْضَاءِ وَالْأَجْزَاءِ، ثُمَّ تَكُونُ عَاقِبَتُهُ الْمَوْتَ. فَإِذَا كَانَتْ مُشَاهَدَةُ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي النَّبَاتِ تُذَكِّرُهُ حُصُولَ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي نَفْسِهِ وَفِي حَيَاتِهِ، فَحِينَئِذٍ تَعْظُمُ نَفْرَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَطَيِّبَاتِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ ذَكَرَ مَا يُقَوِّي الرَّغْبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يُقَوِّي النَّفْرَةَ عَنِ الدُّنْيَا، فَشَرْحُ صِفَاتِ الْقِيَامَةِ يُقَوِّي الرَّغْبَةَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَشَرْحُ صِفَاتِ الدُّنْيَا يُقَوِّي النَّفْرَةَ عَنِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا قَدَّمَ التَّرْغِيبَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى التَّنْفِيرِ عَنِ الدُّنْيَا، لِأَنَّ التَّرْغِيبَ فِي الْآخِرَةِ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ، وَالتَّنْفِيرَ عَنِ الدُّنْيَا مَقْصُودٌ بِالْعَرَضِ، وَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالْعَرَضِ، فَهَذَا تمام الكلام في تفسير الآية، بقي هاهنا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَحْثِ عَنِ الْأَلْفَاظِ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْيَنَابِيعُ جَمْعُ يَنْبُوعٍ وَهُوَ يَفْعُولٌ مِنْ نَبَعَ يَنْبُعُ يُقَالُ نَبَعَ الْمَاءُ يَنْبَعُ وَيَنْبِعُ وَيَنْبُعُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ ذَكَرَهَا الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ، وَقَوْلُهُ يَنابِيعَ نُصِبَ بِحَذْفِ الْخَافِضِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَسَلَكَهُ فِي يَنَابِيعَ ثُمَّ يَهِيجُ أَيْ يَخْضَرُّ، وَالْحُطَامُ مَا يجف ويتفتت ويكسر من النبت.

[سورة الزمر (39) : الآيات 22 الى 28]
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (26)
وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)
[في قَوْلَهُ تَعَالَى أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَالَغَ فِي تَقْرِيرِ الْبَيَانَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِقْبَالِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوُجُوبِ الْإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَذِهِ الْبَيَانَاتِ لَا يَكْمُلُ إِلَّا إِذَا شَرَحَ اللَّهُ الصُّدُورَ وَنَوَّرَ الْقُلُوبَ فَقَالَ: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّا بَالَغْنَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الْأَنْعَامِ: 125] / فِي تَفْسِيرِ شَرْحِ الصَّدْرِ وَفِي تَفْسِيرِ الْهِدَايَةِ، وَلَا بأس بإعادة كلام قليل هاهنا، فَنَقُولُ إِنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ جَوَاهِرَ النُّفُوسِ مُخْتَلِفَةً بِالْمَاهِيَّةِ فَبَعْضُهَا خَيِّرَةٌ نُورَانِيَّةٌ شَرِيفَةٌ مَائِلَةٌ إِلَى الْإِلَهِيَّاتِ عَظِيمَةُ الرَّغْبَةِ فِي الِاتِّصَالِ بِالرُّوحَانِيَّاتِ، وَبَعْضُهَا نَذْلَةٌ كَدِرَةٌ خَسِيسَةٌ مَائِلَةٌ إِلَى الْجُسْمَانِيَّاتِ وَفِي هَذَا التَّفَاوُتِ أَمْرٌ حَاصِلٌ فِي جَوَاهِرِ النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ، وَالِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ الْمُرَادُ بِشَرْحِ الصَّدْرِ هُوَ ذَلِكَ الِاسْتِعْدَادُ الشَّدِيدُ الْمَوْجُودُ فِي فِطْرَةِ النَّفْسِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِعْدَادُ الشَّدِيدُ حَاصِلًا كَفَى خُرُوجُ تِلْكَ الْحَالَةِ مِنَ الْقُوَّةِ إِلَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 440
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست